هل أحيا هجوم باريس العداء لمسلمي أميركا؟

هل أحيا هجوم باريس العداء لمسلمي أميركا؟

تحولت قضية الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو إلى قضية أميركية داخلية، وأضحت موضوعا للمزايدة السياسية والإعلامية بين أحزاب اليمين واليسار، وأحيت نقاشا حول مواضيع كان يعتقد أن الزمن قد تجاوزها.

ولاحظ المراقبون أن حدة نبرة اليمين الأميركي المتشدد ضد الإسلام والمسلمين ازدادت بعد الهجوم على شارلي إيبدو، وعمد إلى استخدام الهجوم على الصحيفة الفرنسية وسيلة لبذر العنصرية وزيادة الكراهية ضد المسلمين في أميركا.

حلقة الثلاثاء (20/1/2015) من برنامج “من واشنطن” توقفت عند هذه الظاهرة، وتساءلت عن احتمال اتخاذ فرنسا الإجراءات والتدابير الأمنية والعسكرية نفسها التي اتخذتها السلطات الأميركية داخليا وخارجيا عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.

من جانبه، انتقد رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) نهاد عوض استغلال مجموعات يمينية متطرفة وبعض محطات التلفزة الأميركية حادثة الهجوم على الصحيفة الفرنسية، وتوظيفها لتكريس صورة نمطية عن الإسلام، مفادها أن المسلمين يتخذون من العنف وسيلة للتعامل مع الآخر.

من ناحيته، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة “ميريلاند” شبلي تلحمي إلى أنه نشر استطلاعا للرأي كشف أن اليمين المتطرف في أميركا يعتقد أن جميع المسلمين يؤيدون تنظيم الدولة الإسلامية، بينما يرفض الديمقراطيون ذلك.

تدابير فرنسا

وفي ما يتعلق باحتمال لجوء فرنسا إلى اتخاذ التدابير نفسها التي اتخذتها واشنطن عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حذر المفكر والناشط الفرنسي برنارد هنري ليفي من خطر أن تقدم بلاده على هذه الإجراءات التي وصفها “بالخطأ الأميركي”.

ودعا ليفي السلطات الفرنسية إلى التعلم من نتائج فشل قوانين مكافحة الإرهاب في أميركا، مشيرا إلى أن الكثير من مسلمي فرنسا مواطنون فرنسيون مخلصون لوطنهم فرنسا ولديمقراطيتها، ومعربا عن سروره بمشاركة أعداد كبيرة من مسلمي فرنسا في مسيرة باريس المناهضة للعنف.

وأقر بأن الأغلبية العظمى من الشباب المسلمين في فرنسا تعاني من التهميش والبطالة، لكنه شدد على أن ذلك لا يعني أن جميع المسلمين الذين يعانون البطالة هم “إرهابيون”.

وأشار تلحمي إلى وجود حالة من الغضب تعتري العالمين الإسلامي والعربي مردها السياسات الغربية تجاه العديد من القضايا في المنطقة، وقال إنه بالنظر إلى تاريخ التدخلات الأميركية في الشرق الأوسط يتضح أن النتائج في الأغلب سلبية، مؤكدا أن ذلك يعود إلى عدم إدراك الغرب طموحات الشعوب.

بدوره، رأى الأستاذ الزائر في جامعة “جورج تاون” عماد شاهين أنه لا يمكن النظر إلى الهجوم الذي شهدته باريس مؤخرا بمعزل عن العنصرية والاستعلاء الثقافي المستشريين في الغرب.

ووصف شاهين الأزمة الحالية بأنها معقدة جدا لأنها ليست أحادية الجانب، وتساءل عن مغزى أن يتسبب مقتل 17 فرنسيا داخل باريس في كل هذه الضجة، بينما لا يحرك أحد ساكنا تجاه مقتل المئات والآلاف في سوريا والعراق وباكستان ونيجيريا وفلسطين.

وحذر من مغبة السقوط في فخ أن الدين الإسلامي هو المسبب الأساسي للإرهاب، وقال إن المطلوب هو ثورة سياسية وليست دينية في كل العالم الإسلامي، توفر الحرية على مستوى القيم والممارسة.

كما أبدى شاهين أسفه لحالة الاستقطاب التي تسود الخطاب السياسي داخل العالم الإسلامي وباقي دول العالم، وتحسر على غياب القيادات السياسية المؤثرة في العالم الإسلامي، ووصف مظاهرة باريس التي شارك فيها قادة من دول العالم بأنها أكبر مظاهرة “نفاق” في العالم.

حرية التعبير
من جهة أخرى، برر المفكر الفرنسي ليفي قيام صحيفة شارلي إيبدو بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية المتخيلة المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، معتبرا أن ذلك يدخل في إطار الحقوق التي تكفلها الجمهورية العلمانية للجميع في حرية التعبير، رغم تفهمه استياء البعض من إعادة نشر هذه الرسوم.

واتفق الأستاذ الجامعي تلحمي مع وجهة النظر هذه، مؤكدا أن فرنسا لديها قوانين وعلى جميع المقيمين فيها أن يحترموها.

وهو الرأي نفسه الذي تبناه عماد شاهين الذي قال إن بعض مبادئ الديمقراطية وحرية التعبير في فرنسا تعتبر أعلى وأهم من المقدسات الدينية، ويجب على الجميع احترام ذلك والتعايش معه.

المصدر: الجزيرة

email
إسأل.. د.عماد شاهين

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *